العرض في الرئيسةفضاء حر

الحربة للفنان أصيل أبو بكر..

يمنات

ماجد زايد

يتخذ التنظيم الديني المسيطر على تفاصيل السلطة بحياتنا العامة طريقة الإعتقال المفاجئ لكل ما يزعجهم ويؤرق شكلهم الديني المحافظ، وسيلةً رادعة لبقية النماذج الحياتية المناوءة لهم ولوجودههم ولرؤيتهم الضيقة عن إهتمامات الناس وذوقياتهم وإنطباعاتهم، يحدث هذا بعد كل مرة يحاولون بها إيصال رسائلهم الخاصة بما يجب وما لا يُسمح بحدوته، وهكذا في كل المجالات البعيدة تمامًا عن السياسة والصحافة وما يتعلق بهما، كون التأثير المجتمعي الحقيقي يحدث دائمًا من الأمور الثانوية للحياة العامة، كالفن والتمثيل والأدب واليوتيوب والصورة المتكررة عن الناس وطريقتهم المنفتحة في الحياة..!

في جانب الفن، لطالما حشدوا جهودهم لإزاحة الشباب والمجتمع عن فكرته المنفتحة وتعلقهم الكبير به، ولأجله منعوا الغناء في الأرياف عبر إجتماعات قبلية أعادوا توجيهها لتناهض الغناء والفن بشكل عام.. وفي المدينة مازال الأمر مختلف ومسموح، لكنهم أرغموا الصالات العامة، وحاصروا الألات الموسيقية من التنقل بأيدي الفنانين، وحددوا مواعيد إنتهاء السهرات، وضيقوا أريحية الأعراس والمناسبات، بعد أن دسوا فيها رجالاتهم ومربييهم المعممين للتوعيه من شرها وشر إقامتها بالشكل الغنائي، وخطورة مالها من أثار إنهزامية في واقع الحرب القائمة، وخلال سنوات جندوا المئات من الوعاظ المتنقلين بكل الفعاليات والمناسبات والإحتفاليات، وفتحوا عشرات الإذاعات والمحطات لغاية لا تتجاوز إستبدال الفن ومواجهة الغناء، وهذا أنتج عزوفًا واسعًا وملحوظًا للشباب المراهقين الى فن دخيل علينا وعلى حياتنا، بالفعل نجحوا في مواجهة الفن اليمني في عقول الفئة القاصرة من الشباب، عبر إدخال فن مناوئ لا ينتمي لنا ولا الى تراثنا، الكثير من الشباب ذهبوا يستمعون لشيلات خارجية وجدوا فيها ميولهم ومشاعرهم، كنتيجة واقعية عن حالة التضييق الحاصلة للغناء المرتبط بالتراث والهوية، بالمقابل مازالت نبرة الفن قوية في الوسط المحافط، وهذا أنتج تضايقًا سلطويًا من إستمرارية الفنانيين وشهرتهم الكبيرة والواسعة، وأمامها عجزوا عن مواجهة إستمراريتها، وهاهم اليوم ومنذ مده، يبدأون في وسيلتهم الأولى والأخيرة، وسيلة الإعتقال والترهيب لنماذج من الفنانيين والمغنيين، خصوصًا الشباب المتحمسين أكثر، وهذا النموذج يعتبر رسالة واضحة لمجاميع البقية، ولأصحاب المناسبات والفعاليات الإحتفالية، هذه السلطة التي تحكمنا تخير الناس بين شيئنين، إما الإنصياع لماكنة التحريض الممنهج على الفن وطيفه الواسع، أو مواجهة الأضرار اللاحقة لأي تعنت، يحدث هذا بصورة غير سلطوية، صورة يجعلونها تصرفًا ثانويًا يقوم به أحد رجالات تنظيمهم على الأرض..

إعتقال الفنان أصيل أبو بكر في صنعاء وقبله إيقاف الفنان فؤاد الكبسي في الحديدة، رسائل ضيقة وواضحة عن نية مبطة لسلطة الدين هنا، وهي حقيقة تظهر في معالمها إمتعاظهم الكبير من فكرة الفن والغناء، ومن إستمرار الناس في مناطقتهم المحاصرة بممارسة الحياة بشكلها العادي جدًا في ظل الحرب والتحشيد المستمر للمقاتلين.

السلطة الدينية عبر كل النماذج التاريخية تحارب ذاتها بذاتها، هذا ما نعرفه دائمًا، وفي النهاية تقضي على ديمومتها بنواياها المبطنة تجاه الأبرياء من الناس..

الحربة للفنان أصيل أبو بكر..
الحرية لشكل الحياة اليمنية المنفتحة على الفن والسلام.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى